منتدى المدونة السوداني ____________
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هل تستفيد السودان من تجربة دبى؟؟؟

اذهب الى الأسفل

هل تستفيد السودان من تجربة دبى؟؟؟ Empty هل تستفيد السودان من تجربة دبى؟؟؟

مُساهمة  appraisal الخميس 25 فبراير 2010 - 17:15

هل تستفيد السودان من تجربة دبى؟؟؟
لقد توقعنا منذ العام 2006م أن تجربة دبى هى فقاعة وسرعان ماسوف تنفجر وهذة هى الأسباب:
أولاً: ان نجاح التنمية يتطلب ان يكون هدفها الاول هو المواطن‏,‏ وان تعتمد علي قدرات الوطن وميزته النسبية‏.‏ وليس المهم هو ما نحققه من زيادة في الناتج المحلي الاجمالي‏,‏ بل المهم ان نقيم التكلفة الاجتماعية لهذا النمو‏,‏ وان نعي دوما كيف نستطيع ان نحافظ علي هذه التنمية بشكل دائم‏.‏
ثانيا: ان برنامج التنمية في دبي تضمنت تحديا كبيرا لحدود الموارد الطبيعية ومحددات المناخ والجغرافيا‏.‏ ذلك أن بعض الأفكار المعمارية التي تبنتها دبي في فورة حماسها للتجريب والاختلاف كانت مجافية لمتطلبات البيئة واصول التخطيط العمراني‏,‏ ولعل مشروعات مجموعة النخيل‏,‏ التي كان تأجيلها لسداد اقساط ديون تبلغ في مجموعها حوالي‏20‏ مليون دولار هو سبب الصدمة المالية الاخيرة‏,‏ هي الاكثر جرأة وتطرفا‏.‏ فمشروع النخلة الذي اعتمد علي ردم البحر تكلف بلايين الدولارات في ايجاد منتجعات شاطئية في منطقة حارة ورطبة لا تشجع السكني الا لأشهر قليلة في السنة‏.‏ وادي ردم البحر إلي زيادة النحر في مناطق اخري من الشاطئ وزيادة تكلفة الصيانة للجزر الصناعية نفسها‏.‏ كما أن هذة المبانى العملاقة الجذابة والمفاجآت من كل صوب وحدب مسخت هوية دبي وبدلا من أن تحولها الي هونج كونج العرب أو سنغافورة تحولت الي نسخة مقلدة في مظاهرها دون أن يحتوي المضمون علي عناصر ضمان الاستمرار والاستقرار‏,‏ والنمو في بلد غير نفطية‏.‏ شملت عمليات المسخ ما هو أخطر من المباني والمشروعات حيث امتدت إلي التركيبة السكانية وأصبح من النادر أن تلتقي بأبناء دبي الاصليين‏,‏ فقد سادت هناك جنسيات متعددة في بلد مفتوح ومتاح ومباح واختفت فيه تقريبا لغته العربية وصعدت دبي الي خريطة العالم وأصبحت مقصدا سياحيا وبيزنس لكل ما هو مشروع وربما أيضا غير مشروع‏,‏ لقد تحولت دبي إلي مدينة كوزوموبوليتان أو بعبارة أخري تم تدويلها‏.‏
كذلك قد يتساءل البعض‏:‏ ما معني ردم البحر بينما الصحراء المترامية خلف مدينة دبي متاحة بعشر التكلفة؟ كذلك تبنت نخيل بناء الأبراج السكنية بما في ذلك أعلي مبني في العالم‏,‏ فما جدوي هذه المباني العالية في صحراء مترامية‏.‏ وهي تحتاج كميات هائلة من الطاقة والمياه للتبريد والتكييف‏.‏ كذلك سرعان ما بدأت مشاكل الزحام تضغط بشدة علي مدينة السيارات هذه وزادت رحلة الذهاب للعمل من دقائق معدودة إلي ساعات كل يوم وبدأ الزوار يتبرمون من ازدحام الطرق وقلة المواصلات العامة وخصوصا في أوقات الذروة وفي أثناء المعارض الدولية‏.‏ واضطرت الإمارة إلي إنفاق المليارات في إضافة طرق سريعة وكباري إلي جانب إنشاء مترو لنقل الركاب طوله‏55‏ كم‏.‏ ومع ارتفاع تكاليف تحلية المياه من البحر‏,‏ أصبح من اللازم إعادة النظر في بعض المشروعات التظاهرية مثل إنشاء ملاعب للجولف‏,‏ وبساتين في الصحراء‏.‏

كذلك وبالرغم من طموح المخططين‏,‏ وما تحقق في سنوات قليلة‏,‏ فإنه لا يمكن بناء مدينة عصرية تكفي مليونين في عشرين عاما‏.‏ ذلك أن أي مدينة تحتاج إلي مراكز ثقافية واجتماعية لم تدخل ضمن قرارات المستثمرين الأفراد‏.‏ ومن ناحية اخري‏,‏ كان الهدف الرئيسي لحركة البناء ليس ابناء الامارة الذين لا يتعدي عددهم‏300‏ ألف نسمة‏,‏ ولكن استقطاب مواطنين من دول الجوار بل والعالم‏.‏ وبينما كان هذا النموذج مطلوبا في ظل المشاكل التي تعاني منها المنطقة بسبب حرب العراق‏,‏ والتوتر مع ايران‏,‏ ورغبة مستثمري القارة الهندية‏,‏ ودول الاتحاد السوفيتي السابق‏,‏ بل وبعض الدول الجوار العربي في الاستفادة من المناخ الحر للأعمال والحريات الخاصة المتوافر في دبي‏,‏ فإن طلب الاجانب علي السكني في دبي كان مرتبطا بتوافر التمويل العقاري الرخيص من جهة‏,‏ واستمرار عوامل الطرد في دول الجوار من جهة اخري‏.‏ ومع ذلك سرعان ما هبت رياح الانفتاح علي كل دول الجوار‏,‏ وخطت بعض المراكز المالية الاخري في الخليج مثل الدوحة‏,‏ والبحرين وحتي الكويت والسعودية خطوات مشابهة في التنمية العقارية وتطوير اسواق المال‏.‏ وبدأت دبي تعاني من منافسة جاراتها الاكبر التي يتوافر لها موارد مالية طائلة‏,‏ ورغبة اكبر في التحديث والتطوير‏.‏ ومن ناحية اخري بدأ الاجانب‏,‏ خصوصا مواطني شبه القارة الهندية يطالبون بحقوق وامتيازات لم تكن الامارة مستعدة لتقديمها‏,‏ وانتشرت الاضرابات العمالية وتوقف العمل بسببها في بعض مواقع البناء‏.‏
ثالثاً: التكلفة في التأثير السلبي علي التراث‏,‏ والبيئة الطبيعية والاجتماعية.
ايضا ظهر ان هناك عناصر من التجربة جعلت دبي اكثر انكشافا من غيرها لأنواء الأزمة المالية العالمية‏.‏ فبينما حاولت دبي ان تكون مرفأ للاجانب‏,‏ وعلي ذلك تعرض القطاع لتقلبات عنيفة في الصعود والهبوط‏,‏ ومن ناحية اخري كان من سوء التخطيط الافتراض ان الزيادة الكبيرة في سكان دبي ستكون في اتجاه واحد صاعدا‏,‏ فمع استقرار الاوضاع في بعض الدول المجاورة‏,‏ مثل العراق‏,‏ ومع اختفاء فرص العمل بسبب الازمة المالية العالمية حدثت هجرة عكسية سواء من العاملين أو من أصحاب الاعمال‏.‏ وهناك من يقول إن سكان الإمارة قد انخفضوا بمعدل‏8%‏ نتيجة للأزمة المالية الأخيرة‏.‏
رابعاً: اوضحت التجربة ان البيئة الصحراوية لها محدداتها‏,‏ ويمثل نقص المياه وارتفاع تكلفة التبريد والتكييف قيدا علي قدرة المدينة علي التوسع ونوع الانشطة التي يمكن القيام بها بالمنافسة مع الاماكن الاخري في العالم‏.
خامساً: الاسراف في السماح للأجانب باللعب في ملعب دبي قد افسد الطبخة ذلك ان المجتمع فقد عناصر قوته الذاتية مقابل اقتراض نموذج حياتي آخر اقل ثباتا وديمومة‏.
سادساً : غياب الشفافية‏,‏ حيث كانت الأزمة واضحة ولكنها باقية ومخفية في الدفاتر‏,‏ حيث كان العديد من المستثمرين والدائنين يتلقون العديد من الطمأنات حول قدرة الإمارة وشركاتها علي الوفاء بالتزاماتها وسادت لغة إنكار المشكلة‏,‏ وبمرور الوقت بدأت تتصاعد الأزمة في النمو بدعوي ارتباط الشركة بالإمارة‏,‏ فانتهي الأمر بشركة تجارية تتمتع بحماية سياسية إلي عدم تطبيق قواعد الشفافية‏,‏ فبدأت الأزمة‏.‏ يضاف إلي ذلك عامل آخر يتمثل في ارتفاع مستوي مخاطر الاستثمار‏,‏ وهو ما يشبه إلي حد كبير ما حدث في سوق العقارات الأمريكية‏,‏ حينما كانت الرقابة الضعيفة في النظام الائتماني الأمريكي علي تمويل المشروعات العقارية‏,‏ حتي انفجرت الأزمة مرة واحدة في سبتمبر‏2008.‏

سابعاً : كان وراء هذا المظهر التنموي المخادع ديون خارجية رهيبة بلغت وفق آخر التقديرات مائة مليار دولار والسؤال الذي تطرحه هو‏:‏ فيم استخدمت؟ بعبارة أخري أكثر دقة‏:‏ فيم تم استثمارها؟ وهل هناك قدرة أو قدرات وطاقات للاقتصاد في دبي تمكن فعلا من استيعاب هذا الرقم المخيف؟‏.‏

فمن مبادئ الاقتصاد ما يسمي بالقدرة علي الاستيعاب وببساطة هل يستطيع الاقتصاد في دولة ما استيعاب هذا الكم الهائل من الأموال وتشغيله واستثماره‏,‏ أم أن طاقته علي امتصاص استيعاب هذه الأموال لها حدود؟

هذا هو الخطأ الذي وقعت فيه دبي‏.‏ لقد أسكرتها التحولات الرائعة في مظاهر المباني وهي تحولات تاريخية من مدينة قديمة الي مدينة حديثة دون أن تدرك أن مثل هذه التحولات لا تحدث إلا في بلاد يقبع وراءها العلم والفكر والجهد والعمل والنشاط الاقتصادي الحقيقي والتكنولوجيا ولم تدرك ان التنمية ليست مباني فحسب‏,‏ أو أن التنمية لا يمكن شراؤها جاهزة‏,‏ وأن الطموح كان أكبر كثيرا مما توفره الامكانيات الاقتصادية لدبي والحقائق التاريخية والديموجرافية والجغرافية‏.‏

هذه هي بؤرة الأزمة وسببها الحقيقي وهو فقاعة العقارات والاستثمارات العقارية ولم تتعظ دبي من درس دول جنوب وشرق آسيا حين داهمتها أزمة اقتصادية عاتية بسبب الاستثمار والتمويل العقاري في أواخر التسعينات‏,‏ وتلك العقارات هي ما تملكه دبي وقد تجد نفسها مضطرة اليوم إلي طرح تلك العقارات والأصول المملوكة للشركتين‏(‏ دبي العالمية ونخيل‏)‏ بأسعار متدنية حتي تستطيع الحصول علي موارد تمكنها من سداد بعض الديون‏.‏
ثامناً : اثارة علامات استفهام عن أوضاع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ومعاملاتها وما شهدته من طفرة كبيرة في العام الحالي وكذلك التلويح بارتفاع مخاطر الاستثمارات غير المأمونة وغير المضمونة لصناديق الثروة السيادية الحكومية والشركات التابعة لها واعمالها علي امتداد خريطة العالم‏,‏ وكأن ما تعرضت له من خسائر في ظل الكارثة المالية العالمية العظمي في سبتمبر‏2008‏ لا يكفي وأن هناك المزيد من الأعباء والتكاليف الاضافية التي يجب أن تتحملها في فاتورة الانهيار الدولي وهو ما لا يقتصر علي الأموال بل يمتد إلي تحجيم نشاطها وأعمالها واعادة ضبطه وتنظيمه‏,‏ وتمتد القضايا الاقتصادية الحرجة الشائكة لتصل إلي اعادة تصويب وتصحيح الأوضاع في الملاذات والجنات الضريبية وبقع غسل الأموال وتبييضها فيما كان يسمي تجملا وكذبا بالمراكز المالية العالمية الجديدة ومراكز الخدمات بكل صورها وأشكالها ومراكز القروض والائتمان السهل‏,‏ باعتبار أن ضبطها والسيطرة عليها جزء أصيل من اصلاح النظام المالي العالمي ومتطلباته ومقتضياته‏,‏ وكأن دبي والخليج هي قلب المشكلة ومصدرها الأوحد والوحيد يضاف إلي ذلك أن ما حدث في دبي يرتبط في الطرح الإعلامي والصحفي الغربي الأمريكي بشكل مباشر ومكثف بالمراجعات العالمية الدقيقة للرأسمالية المالية ورموزها وكذلك الأصولية الاقتصادية والرأسمالية المتوحشة وقواعدها ومراكزها وعقلية وممارسات الانفلات المالي والائتماني وتجاوز القيود المصرفية والائتمانية للترويج لأعمال ومعاملات تنطوي علي القدر الكبير من الفساد والتلاعب والغش والخداع والتدليس‏.‏
تاسعاً : هز الأسواق الناشئة‏..‏ وإعادة الاعتبار للأسواق التقليدية
وتتسع دائرة المناوشات العالمية المرتبطة بما حدث في دبي لإثارة حملة منظمة تستهدف اعادة الاعتبار لأسواق المال بالدول الصناعية الكبري‏,‏ وفي مقدمتها الأسواق العالمية التقليدية في أمريكا وبريطانيا بعد أن كادت تفقد الكثير من بريقها ومصداقيتها وقدرتها علي جذب المزيد من الأموال والاستثمارات والتدفقات نتيجة للمخاوف الشديدة التي اشتعلت في أرجاء العالم مع الكارثة المالية العالمية‏,‏ وبروز توجهات للاندفاع للأسواق الناشئة والصاعدة بحثا عن ملاذ أكثر أمانا وأقل عرضة للتقلبات المفاجئة والخسائر الحادة ويتم استخدام ما حدث في دبي وتداعياته المرتقبة هنا وهناك عالميا لصناعة منظومة متكاملة من الشكوك والمخاوف حول شفافية المعاملات وحول المخاطر العالمية والفجائية التي يمكن أن تتعرض لها الأموال‏,‏

وإثارة الاهتمام بأن أسواق مالية مثل دبي وغيرها لا تملك الاطار القانوني والتشريعي والتنظيمي الذي يضمن الحقوق ويمنع التعدي الفجائي والمفاجيء عليها وأن الأسواق المالية المتقدمة بالرغم من كل خسائرها إلا أنها تتمتع بدرجة عالية من الشفافية والمصداقية والثقة التي تجعلها في الحساب النهائي الأقل مخاطرة والأكثر أمانا وهو ما يشكل جزءا رئيسيا من الحوار والتحليل الذي انطلق بصورة فجائية مع أحداث دبي‏.‏

وحتي يمكن فهم قدرات الاستغلال البشع لما حدث في دبي وتحويله إلي مسارات أخري محددة سلفا ومخططة بدقة وعناية من قبل اللاعبين الرئيسيين عالميا القادرين دوما علي تحريك الأحداث وفقا لمصالحهم وتقديراتهم الممتدة عبر العالم‏,‏ فإن ذلك يستوجب بالضرورة اعادة فهم تجربة دبي باعتبارها في الأساس تجربة عالمية لتطبيق اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية بأقصي درجات الانفلات من الضوابط والقواعد الاقتصادية المتعارف عليها وبأقصي جموح الخيال لمفهوم السوق وقدراتها الخفية علي التصحيح والتصويب الذاتي مهما كان حجم الممارسات والتقديرات والتقييمات الخاطئة‏,‏

ومهما كان مدي شططها عن قواعد الرشاد ومعايير الكفاءة الاقتصادية‏,‏ ومع كل ذلك تحولت دبي إلي درة في تاج الاصولية الرأسمالية علي امتداد العقود الثلاثة الأخيرة وفتحت أمامها خزائن العالم لتصنع من الصحراء الجرداء اسطورة عالمية من أساطير البنيان والتشييد الذي يضم الأعلي والأكبر والأضخم والأغرب والأكثر إبهارا وتكلفة وكأن التنمية والنمو قد تحولا إلي مباراة لاحتلال الموقع الأول في موسوعة جينس العالمية بغض النظر عن دراسات الجدوي الاقتصادية والغياب المخيف والمروع لبديهيات المعاملات المالية الداعية دائما لاحترام تقدير المخاطر والالتزام بتقييم مؤشرات الأرباح والخسائر حتي يصب قرار الاستثمار دائما في خانة واحدة ووحيدة ترتبط بالقدرة علي تحقيق الحد الأعلي من العوائد والأرباح والمنافع الحقيقية والملموسة بحكم أن الاستثمار مع اليقين بحصد عوائد سلبية يؤدي إلي تآكل الأموال والثروات وتلاشيها في غياهب المجهول‏,‏ ويتسبب في التعثر والافلاس والخراب وإن طال الزمن‏.‏

عاشراً : سقوط دبي وانهيار المعجزات الاقتصادية الوهمية
وقد شهدت تجربة دبي عناوين ضخمة تتحدث عن الإنجاز والنجاح ساندها رواج مفتعل ومشاركة عالمية واسعة النطاق للترويج والدعم والتحفيز‏,‏ وتمكنت سوداوية الفكاهة الاقتصادية والمالية بنفوذها وجبروتها وسطوتها العالمية أن تخفي كل الثقوب والبقع السوداء من الثوب الأبيض وتروج له اقليميا وعالميا باعتباره النموذج ناصع البياض الذي وصل إلي أعلي درجات الكمال والاكتمال وهو ما يعتبر حلقة من حلقات مسلسل عالمي بغيض يملك القدرة علي تبييض وجه النماذج الفاشلة وتحويلها في غفلة من الزمن والتاريخ إلي نموذج مبدع من نماذج النجاح والتميز ثم يسقطها ويمزقها أشلاء متناثرة ومبعثرة عندما تصطدم بمصالحه وأهوائه ونزواته‏,‏

ويثبت عليها بكل الوثائق والبراهين والوقائع ممارستها للفعل الفاضح في الطريق العام ويتلذذ بتجريسها والتشفي فيها ونعتها بأقذع الصفات وأقساها وأحطها‏,‏ وما يصنعونه مع دبي صنعوه في خريف عام‏1997‏ مع دول النمور الاقتصادية الآسيوية التي وصل النفاق العالمي في تصوير أوضاعها قبل كارثة السقوط المدوية بعام إلي اصدار البنك الدولي للانشاء والتعمير لكتاب عنوانه المعجزة الاقتصادية تأليف جون بيج كبير الاقتصاديين في البنك وبعدها بعام واحد أفاق العالم علي السقوط الكبير للمعجزة الاقتصادية في خضم النصب والتدليس والغش في المؤشرات الاقتصادية والديكتاتورية والفساد والرشاوي وتأكيدات المشاركة المباشرة للبنوك الاوروبية والبنوك العالمية الكبري في تقديم قروض وائتمان خارج نطاق القواعد والأصول المصرفية وخلافا للبديهيات والأبجديات‏,‏

وانهارت البنوك والمؤسسات المالية في دول المعجزة وأفلست الشركات والمنشآت وفقد الملايين وظائفهم وامتدت طوابير الجوعي واتسعت دوائر الفقر‏,‏ ولكن البنوك والمؤسسات المالية الاوروبية والعالمية والأمريكية بحكم سطوتها ونفوذها بقيت كما هي متخمة بأرباح الفساد والتلاعب تماما كما حدث في الثمانينيات مع أزمة المديونية لدول أمريكا اللاتينية ويومها كانت الضحية والقربان المفضل مع توقف هذه الدول عن السداد هي البنوك العربية وأصحاب الفوائض النفطية‏,‏ واستكمل الإجهاز علي ثرواتهم وأموالهم بمضاربات الذهب والفضة الوهمية والقاتلة‏.‏

ولإدراك المعني الحقيقي لما جري في دبي فإن خسائر بورصتي دبي وأبوظبي علي امتداد الاسبوعين الماضيين قد انخفضت إلي نحو‏25‏ مليار دولار تكاد تعادل كل المكاسب التي استعادتها البورصات بعد خسائر الأزمة المالية العالمية والأكثر خطورة حالة الانكشاف المالي التي تتعرض لها الامارة الصغيرة والاحتمالات الكبيرة لامتدادها وتوسعها لتشمل الأعمال والأنشطة والمعاملات الرسمية والخاصة بدول الخليج العربي‏,‏ وتتضح ملامح المشكلة الكارثة من زاوية شديدة الأهمية ترتبط باعتماد المديونيات العامة والخاصة بالأساس علي تدفق القروض قصيرة الأجل كما في الكارثة الاسيوية بالضبط وهي قروض بطبيعتها عالية التكلفة وكان سداد استحقاقها في الغالب يتم من خلال الاتفاق علي قروض قصيرة جديدة وكانت الدورة تسير إلي هذا النحو بانتظام ومع الانتظام في السداد فإن تقييم الجدارة الائتمانية عالميا يصبح دائما عاليا ومرتفعا وتكاليف ضمانات القروض منخفضة وغير مرتفعة ولكن مع المستجدات الراهنة واندلاع الأزمة فإن القروض الصغيرة توقفت وتكاليف ضمانات القروض ارتفعت‏,‏

وهو ما يعني التوقف عن السداد وطلب اعادة هيكلة القروض والمديونية والدخول في دوامات التعثر وتصفية الأصول بالخسارة وصولا إلي الإفلاس والتوقف عن ممارسة العمل والنشاط‏.‏

وتوشك ظاهرة دبي المتضمنة الاعلان عن اعادة جدولة ديون قيمتها‏26‏ مليار دولار مستحقة علي مجموعة دبي العالمية والتوقف عن السداد اعتبارا من يوم‏25‏ نوفمبر الماضي أن تدق أبواب العديد من المنشآت الخليجية‏,‏ فقد أفادت وكالة رويترز للأنباء يوم‏7‏ ديسمبر الحالي بأن دار الاستثمار الكويتية طلبت من الدائنين والمستثمرين الموافقة علي خطة لاعادة هيكلتها علي الرغم من أن الدار تملك‏50%‏ من شركة استون مارتن البريطانية لصناعة السيارات الرياضية الفخمة‏,‏ وجاء ذلك بعد أن تعثرت في سداد مستحقات سندات اسلامية قيمتها‏100‏ مليون دولار في مايو الماضي‏,‏

وبعد أن طلبت في شهر نوفمبر الماضي من الدائنين والمستثمرين اعادة هيكلة مليار دينار كويتي‏3,51‏ مليار دولار من ديونها وقام البنك المركزي الكويتي بالفعل في سبتمبر الماضي بتعيين مشرف قانوني لمراقبة اعادة هيكلة الديون وتدقيق النتائج المالية للشركة ومع أحداث دبي فإن شركة الغاز والكهرباء هناك تعثرت في توريق مديونيات قيمتها‏2‏ مليار دولار علي الرغم من أن هذه المديونية مضمونة من الحكومة بكامل قيمتها ولا ينطبق عليها قواعد المديونيات العادية للشركات‏.‏

وتعطي أحداث دبي مذاقا جديدا للأزمات المالية والائتمانية العالمية الراهنة‏,‏ حيث تشير تحليلات الأزمة المالية العالية العالمية إلي أن السبب الرئيسي في حدوثها يرتبط بظاهرة الافراط في الاقراض والتوسع الرهيب في الائتمان خارج نطاق القواعد المصرفية المتعارف عليها لتقليل المخاطر‏,‏ في حين أن أزمة دبي ترجع إلي الإفراط في الاقتراض بعيدا عن دراسات الجدوي الاقتصادية للمشروعات وحساباتها وتقديراتها‏,‏ وكذلك فإن المشروعات التي حصلت علي قروض وهي في غالبيتها قروض قصيرة الأجل لا تحقق عوائد وأرباحا لسداد القروض‏,‏ بل تعيد الاقتراض لتمويل الالتزامات القائمة واجبة السداد مما يكشف طبيعة فساد الائتمان الممنوح لاستثمارات قائمة علي التفاخر والمباهاه البعيدة تماما عن الحسابات والتقديرات الاقتصادية وضوابطها التي يجب أن تكون صارمة ودقيقة‏.‏

حادى عشر: الرواج المصطنع‏..‏ وارتفاع السيولة مجهولة المصدر
وقد اعتمد الرواج المصطنع في فترة زمنية سابقة وقبل أن تلتهم الأزمة المالية العالمية جزءا كبيرا من الثروات والسيولة في محرقة الخسائر المروعة التي لا يعرف أحد تقديراتها الدقيقة حتي الآن ويتهرب الكل من الإفصاح عنها حتي لا تنكشف حقيقة أوضاعهم الحالية علي توفر كميات ضخمة من المعروض النقدي والسيولة غير المبررة بحسابات المال والاقتصاد وغير معروفة الهوية‏,‏ والمصدر في سوق دولة الامارات وهو ما يدخل تحت بند غسيل وتبييض الأموال وبند الأموال مجهولة المصدر والهوية وترصد دراسة منشورة لصحيفة العالم اليوم‏,‏ للدكتور نبيل زكي جوانب من هذه الظاهرة يرتبط أولها بعملية الطرح الأول لشركة آبار بقيمة قدرها‏495‏ مليون درهم وتمت تغطية الطرح بما يزيد‏800‏ مرة بقيمة قدرها‏394‏ مليار درهم في ابريل عام‏2005,‏

ثم طرح شركة دانا جاز بقيمة قدرها‏560‏ مليون درهم في منتصف‏2005‏ وتمت تغطيته بأكثر من‏140‏ ضعفا وهي أحداث تدخل بالضرورة في صلب أعمال مراكز الرصد المالي والتدقيق العالمية وتثير الكثير من المخاوف والتحفظات لدي الكثير من دوائر صنع القرار التي تنتظر اللحظة المناسبة للتحرك للاصلاح والعلاج‏.‏

ومع غياب الجزء الأكبر من هذه النوعية من الأموال عن السوق في الفترة الأخيرة فإن الكثير من المشروعات الكبري قد توقفت عمليات تنفيذها خاصة مع انفجار الفقاعة العقارية التي ينتسب إليها الجزء المهم من رواج دبي بعد سلسلة من المضاربات العقارية الجنونية ومع الأزمة العالمية انخفضت الأسعار العقارية بنسبة‏50%‏ علي الأقل وفي ظل بوادر الأزمة الراهنة فإن هناك حديثا عن انخفاض اضافي بنسبة‏30%‏ مع انتشار ظاهرة زيادة المعروض وقلة الطلب خاصة مع مغادرة الأجانب وهجرة المستثمرين‏,‏ وخلال الأيام الثلاثة الماضية قامت مجموعة دبي المصرفية والمملوكة لدبي القابضة والتي تتبعها أيضا مجموعة دبي العالمية بالتخلص من جانب من استثماراتها الخارجية‏,‏

وقامت ببيع نحو ربع ما تملكه من أسهم في المجموعة المالية هيرمس لسداد مديونيتها المستحقة في ظل تقديرات بأن دبي القابضة تستحق عليها مديونيات عاجلة السداد تتراوح قيمتها بين‏14,13‏ مليار دولار وفقا لتقديرات صحيفة الفاينانشيال تايمز منها‏1,9‏ مليار دولار تستحق السداد مع بداية عام‏2010‏ كما ذكرت الصحيفة أن شركة نخيل العقارية أحد الأجنحة الثلاثة الاستثمارية لمجموعة دبي العالمية أعلنت بالفعل عن تحقيقها خسائر بلغت‏3,6‏ مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي وقللت نخيل من صحة المعلومات القائلة أن الدراسات أثبتت أن درة مشروعاتها السياسية والعقارية القائم داخل الخليج العربي علي شكل نخله يتعرض للغرق مع الزمن حيث يغرق في البحر بمعدل خمسة ملليمترات سنويا‏.‏

وتكتمل حلقات المديونية في دبي بالأحاديث المتناثرة غير المدققة التي تشير إلي مديونيات تستحق علي مجموعة دبي العالمية قيمتهما‏59‏ مليار دولار وأحاديث عن اجمالي مديونية خارجية مستحقة علي دبي غالبيتها قروض قصيرة الأجل تصل إلي‏80‏ مليار دولار ترتفع في تقديرات أخري إلي‏120‏ مليار دولار وتصل مع تقديرات البعض إلي‏150‏ مليار دولار في مواجهة أحاديث عن عدم الرغبة في تسييل الأصول المملوكة لشركات الإمارة والتابعة لصندوق الثروة السيادية لمواجهة الانكشاف المالي الحاد‏,‏ الذي تتعرض له الأعمال والمعاملات والمنشآت علي الرغم من تفاقم ظاهرة نقص السيولة الحاد الذي يدفعها للعجز عن سداد المستحقات الواجبة السداد‏,‏

في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن أن امارة أبوظبي الغنية صاحبة الفوائض البترولية لا يمكن أن تقدم شيكات علي بياض للمساندة والدعم وأن الحل يكمن في تنازل دبي عن ملكية بعض الأصول المهمة وبيعها لصندوق الثروة السيادية الحكومي لأبوظبي‏.‏

مع أحداث دبي تصاعدت بين أرجاء العالم صرخات التباكي علي الشفافية الضائعة والمفقودة وتعالت أصوات فقدان الثقة والمصداقية لسوق دبي وأسواق الخليج العربي وكل الأسواق الناشئة والصاعدة مع تأكيد أن الشفافية والمصداقية لا تتوفر ولا تتحقق إلا في الأسواق المالية التقليدية والعريقة بالدول الكبري المتقدمة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا بالرغم من طوفان الكوارث والخسائر المالية المروعة التي تحملها المستثمرون في الأزمة العالمية وكل ذلك ما هو إلا حلقة من حلقات استعادة الثقة والأمان وابعاد شبح المخاطر العالية الذي ارتبط بهذه الأسواق وتسبب في تحول جانب مهم من الاستثمارات العالمية خارج نطاقها وحدودها ويؤدي ذلك بالضرورة إلي سلسلة الأزمات لا يعلم أحد مداها الزمني‏,‏ لابد أن تصيب الأسواق الناشئة والصاعدة بالاختلالات والهزات وتدفعها إلي دوائر الكوارث التي قد تكون مريرة وقاسية‏.‏

ويدخل في قلب الخطر الذي يطرق الأبواب بشدة وعنف مخططات قلب الحقائق التي تركز بشكل مكثف علي ما يسمي المخاطر الاستثمارية الفجائية الناجمة عن تخلي دبي عن مساندة وتغطية الانكشاف المالي للشركات التجارية التابعة لصندوق الثروة السيادي الحكومي علي الرغم من أن هذه الشركات تعمل وفقا للقواعد الاقتصادية والتجارية المتعارف عليها في الأسواق العالمية وبالرغم من أن قرارات انشائها وممارستها لأعمالها وأنشطتها علي امتداد السنوات الماضية والمعروفة لكل أطراف التعامل الخارجية لا تتضمن من قريب أو من بعيد الالتزام العام والرسمي بضمان ديونها أو تغطيتها عند التعثر‏,‏ وهو مايفسر حالة الالتباس السائدة في الخليج بين الدول المدصدر والحكومة والشركة في ظل سطوة سوق مصطنعه علي الأعمال والمعاملات‏.‏

ولاينفي كل هنا الالتباس والتداخل نفوذ وتسلط الاطراف الخارجية الفاعلة وهو ما يلقي المسئولية بالأساس علي الأطراف الخارجية وبالذات المؤسسات المالية والبنوك التي تغاضت وتجاهلت أبجديات وبديهيات الائتمان المصرفي السليم‏,‏ تماما كما فعلت مع دول النمور الأسيوية وقبلها مع دول أمريكا اللاتينية وكما تفعل منذ فترة مع دول أوروبا الشرقية واليونان والبرتغال وأيرلندا وكل البؤر الصديدية المالية علي امتداد خريطة العالم في جزر الكايمان وموناكو وليخشتاين‏,‏ وما تقوم بتوفيره بنوك سويسرا من غطاء مالي ومصرفي واستثماري لأموال الجريمة المنظمة والتهرب الضريبي‏,‏ وما تيسره ليل نهار من عمليات غسيل وتبييض الأموال غير المشروعة حتي تظل في صدارة موقع السيطرة والتحكم في مصير العالم وتوجيه شئونه وأموره وفقا لمخططات قوي الظلام المزيفة لقدرة العالم علي الفهم والإدراك اللازم والصحيح؟‏!‏
لذلك فعلى المسئولين بالسودان معرفة أنة ليست المبانى الشاهقة هى دليل تطور البلاد ورقيها .. بل يجب أن توجد بجانب قاطرة الأقتصاد القومى وهو البترول قاطرات أخرى متمثلة فى الزراعة والصناعة والسياحة وكذلك دعم الأبحاث العلمية حتى تتناسب مشروعاتنا مع بيئتنا السودانية المحلية بدلاً من تطبيق نظم ونظريات من الخارج لاتتناسب مع بيئاتنا المحلية ، فتتسبب فى كوارث عديدة نتيجة تأثيراتها الجانبية العديدة على البيئة والأقتصاد القومى.
استشارى وخبير مثمن
م/ أحمد باسم جلال
موبايل: 00249914620441
ص. ب / 1990 الخرطوم
ahmedb1@hotmail.com
appraisal
appraisal
عضو
عضو

عدد الرسائل : 5
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 21/02/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى